يُعد ابتكار نظام ذكي لمعالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها في أغراض الري إنجازًا علميًا فريدًا يعكس مدى تقدم المواهب السعودية الشابة في ميادين الابتكار التقني، حيث نجحت الطالبة جنا حسين معشي من جامعة جازان في لفت أنظار العالم بعد فوزها المستحق بالميدالية الذهبية والجائزة الكبرى من منظمة HIUF، وذلك خلال مشاركتها المتميزة في معرض SGiE 2025 الذي يجمع صفوة المبتكرين على المستويين المحلي والدولي.
وقد استند هذا التكريم إلى مشروعها الرائد الذي يقدم حلولًا مستدامة لإدارة الموارد المائية، فهو ليس مجرد فكرة نظرية، بل نموذج عملي يدمج بين المعرفة الهندسية الدقيقة والممارسات البيئية الحديثة لمعالجة تحديات شح المياه، وقد أظهر المشروع قدرة فائقة على الموازنة بين الجدوى الاقتصادية والأثر البيئي الإيجابي؛ مما جعله محط إعجاب لجنة التحكيم التي أشادت بقابليته للتطبيق على نطاق واسع في القطاعات الزراعية التي تواجه تحديات مائية كبيرة، ليؤكد هذا الفوز تفوق العقول السعودية الشابة وقدرتها على المنافسة في المحافل العلمية العالمية.
تفاصيل نظام ذكي لمعالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها بتقنيات إنترنت الأشياء
يعتمد جوهر هذا الابتكار على تطوير نظام ذكي لمعالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها بكفاءة عالية، وذلك بالاعتماد على تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) التي تسمح بمراقبة جودة المياه وإدارتها بشكل تلقائي دون تدخل بشري مباشر، وقد تم تصميم النظام ليكون حلًا عمليًا ومتكاملًا يدعم الزراعة المستدامة في البيئات التي تعاني من ندرة الموارد المائية، حيث يقدم المشروع آلية متطورة تساهم في تقليل الاعتماد على مصادر المياه التقليدية وتعزيز كفاءة أساليب الري الحديثة ذات الاستهلاك المنخفض، وهذا التكامل بين التقنية والبيئة هو ما منح المشروع تميزه بين عشرات الابتكارات الأخرى. ويمتاز النظام بعدة خصائص أساسية:
- المراقبة التلقائية لجودة المياه المعالجة.
- الإدارة الذكية لعمليات التوزيع والري.
- التوافق مع متطلبات الزراعة المستدامة.
- قابلية التطوير للتطبيق على نطاقات أوسع.
كيف يخدم نظام معالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها أهداف الاستدامة في المملكة؟
يأتي مشروع نظام معالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها متوافقًا تمامًا مع التوجهات الوطنية للمملكة العربية السعودية نحو تحقيق أمن مائي مستدام، وهو أحد الركائز الأساسية لرؤية 2030، حيث يقدم هذا الابتكار حلًا واقعيًا لمشكلة حقيقية تواجه العديد من المناطق الزراعية، إذ يساهم بشكل مباشر في الحد من هدر المياه واستثمار الموارد المتاحة بأفضل طريقة ممكنة؛ وبذلك لا يقتصر أثره على كونه إنجازًا تقنيًا فحسب، بل يمثل إضافة نوعية لجهود المملكة في بناء منظومة متكاملة تعتمد على التقنيات النظيفة والحلول الذكية لمواجهة التحديات البيئية.
دور جامعة جازان في دعم ابتكار نظام ذكي لمعالجة المياه الرمادية
أعرب الدكتور محمد عريشي، رئيس قسم الهندسة الكيميائية بالجامعة، عن فخره العميق بهذا الإنجاز الذي حققته الطالبة جنا معشي، مشيرًا إلى أن هذا المشروع المبتكر يمثل امتدادًا طبيعيًا لرؤية القسم الأكاديمية الهادفة إلى دعم الطلبة وتمكينهم من تحويل أفكارهم النظرية إلى نماذج هندسية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، ويؤكد هذا النجاح على جدية البرامج الأكاديمية المتقدمة في جامعة جازان والتزامها الراسخ بتطوير مهارات الطلبة في مجالات الهندسة والتقنية والابتكار، مما يسهم بفاعلية في إعداد جيل من الكفاءات الوطنية القادرة على المنافسة عالميًا وتقديم حلول تخدم القطاعات الحيوية في المملكة.
إن هذا الإنجاز يعزز من مكانة جامعة جازان على خريطة الجامعات المتميزة في البحث العلمي والابتكار، فالجامعة تعمل بشكل مستمر على استثمار هذه النجاحات من خلال توجيه المزيد من الدعم للمختبرات البحثية وتشجيع الطلبة على المشاركة الفعالة في المحافل الدولية، وهو ما يضيف إلى رصيدها سلسلة من النجاحات المتتابعة التي تعكس جودة بيئتها التعليمية وقدرتها على اكتشاف المواهب الطلابية وصقلها بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المستقبلية، كما يبرهن هذا المشروع على أن تمكين الطالبات في المجالات الهندسية أصبح يثمر نتائج نوعية، مؤكدًا أن المرأة السعودية باتت شريكًا فاعلًا في مسيرة التطوير العلمي والتقني.
يمثل هذا التتويج حافزًا مهمًا لجميع الطلبة في الجامعات السعودية، فهو يعزز الثقة في قدرة الشباب على الإبداع وتقديم أفكار نوعية قادرة على مواكبة التطورات العلمية المتسارعة، كما أن دمج تقنيات إنترنت الأشياء في معالجة المياه يفتح آفاقًا بحثية جديدة في مجالات الهندسة البيئية، مانحًا الباحثين فرصة للاستفادة من البيانات الذكية لتحسين كفاءة الأنظمة المائية، وهذا بدوره يعكس فهمًا عميقًا للتحديات البيئية التي تواجه المناطق الزراعية.
يعتبر تتويج الطالبة جنا معشي خطوة ملهمة للأجيال القادمة، ودليلًا حيًا على أن الإبداع العلمي قادر على فتح مسارات جديدة وواعدة في مجالات الهندسة والتقنية، بما يساهم في بناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة.
